- كان تاجرا أمينا ناجحا و كان راتبه كبير فلم يدخره لنفسه بل كان يهبه للفقراء , فيحدثنا أيوب بن وائل الراسبي أن ابن عمر جاءه في يوم بأربعة ألاف درهم و قطيفة وفي اليوم التالي رآه يشتري علفا نسيئة (دين) , فذهب ابن وائل الي أهل بيته و سألهم أليس قد أتي لأبي عمر ( ابن عمر) بالأمس أربعة ألاف درهم و قطيفة ؟ قالو : بلي قال فإني رأيته اليوم يشتري علفا لراحلته و لم يجد ثمنه , قالو : انه لم يبت بالأمس حتي فرقها و خرج بالقطيفة علي ظهره ثم عاد و ليست معه فسألناه عنها فقال : انه و هبها لفقير , فخرج ابن وائل يضرب كفا بكف ووقف بمكان عاليا بالسوق و قال للناس : يا معشر التجار ما تصنعون بالدنيا و ابن عمر تأتيه ألف درهم و يوزعها ثم يستدين علفا لراحلته ؟!! , فقد كان المال بين يديه خادما لا سيدا .
- أهداه أحد اخوانه القادمين من خرسان حله أنيقة ناعمة قال له : اتيتك بهذا الثوب من خراسان و انه لتقر عيناي ا أراك تنزع عنك ثيابك الخشنة و ترتدي هذا الثوب الجميل فلمسه و فال : أحرير هذا , قال له لا : انه قطن , فتملاه عبدالله قليلا ثم دفعه و قال : لا اني أخاف علي نفسي ان يجعلني مختالا فخورا و الله لا يحب كل مختال فخور , فكان يدرك أنه في الدنيا عابر سبيل , و يقول ميمون ابن مهران : دخلت بيت ابن عمر و قومت كل شئ في بيته من فراش و لحاف و بساط فما وجدته تساوي مائة درهم , لم يكن فقر او بخل , انما كان من ورعه و زهده .
- كان شعاره : من قال حي علي الصلاة أجبته و من قال حي علي الفلاح أجبته و من قال حي علي قتل أخيك المسلم و أخذ ماله قلت لا , يقول الحسن رضي الله عنه : لما قتل عثمان ابن عفان قالو لعبدالله ابن عمر : انك لسيد الناس و ابن سيد الناس فاخرج نبايع لك الناس , قال ان والله لئن استطعت لا يراق بسببي محجمة من دم , قالو لتخرجن أو لنقتلنك علي فراشك فأعاد عليه قوله الأول فأطمعوه و خوفوه فما استقبلو منه شيئا و مرت الأحداث و لا يزال ابن عمر و هو شيخ مسن كبير أمل الناس في الخلافة , فقد ذهب اليه مروان قال له : هلم يدك نبايع لك فانك سيد العرب و ابن سيدها , فقال له : كيف نصنع باهل المشرق , فقال مروان : نضربهم حتي يبايعو , فقال والله ما أحب انها تكون لي سبعين عاما و يقتل بسببي رجل واحد أيضا رفض أن يقاتل مع الإمام علي رغم أن الحق له و معه و لم يكن ذلك هربا و لكن رفضا للفتنة و تجنب الدماء فسأله نافع : يا أبا عبدالرحمن أنت ابن عم و أنت صاحب رسول الله (ص) , فما يمنعك من هذا الأمر ؟فأجابه قائلا : يمنعني ان الله تعالي حرم علي دم المسلم , و لقد فعلنا و قاتلنا المشركين حتي كان الدين لله أما اليوم فيم نقاتل ؟!
- لقد عاش ابن عمر طويلا و عاصر الأيام التي فتحت فيها أبواب الدنيا للمسلمين و فاضت الأموال و كثرت المناصب و لكن عُرف ابن عمر بتواضعه و استقامة ضميره و جوده و ورعه و مثابرته علي العباده , و في العام الثالث و السبعين من الهجرة توفي المثابر الأواب عبدالله ابن عمر رضي الله عنه .